الخميس، أكتوبر 21، 2010

موسى ـ عليه السلام ـ النـهـاية !!

:: وفاة هارون ـ عليه السلام ـ ::
وفاة الأخ الشقيق الصديق الرفيق لموسى ـ عليه السلام ـ
بعد أن رافقه في كل لحظات حياته ..
كانا معه في قصر فرعون ،
وكان معه يوم السحرة ،
وكان معه حين انشق البحر ..
وحين نظّم أمور بني إسرائيل ..!!

في الأغلب أن هارون ـ عليه السلام ـ مات وعمره 94 سنة
أي بعد مرور 28 سنة من سنين التيه ..



قصة موت هارون ـ عليه السلام ـ
حدثت في مدينة البتراء بالأردن !



وقصة موته كما ذكرها ابن مسعود وغيره من الصحابة :

إن الله ـ تعالى ـ أوحى إلى موسى ـ عليه السلام ـ
إنّي متوفّ هارون .. فأتِ به جبل كذا وكذا ..

فانطلقا ـ عليهما السلام ـ نحو ذلك الجبل ،
فإذا هما بشجر لم يريا مثلها ، وإذا هما ببيتٍ مبني
وإذا هما بسرير عليه فرش ، وإذا فيه ريح طيبة ،
فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه ..

قال : يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير ..

قال له : فنم عليه ..

قال : إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب علي ..

قال له : لا ترهب أنا أكفيك رب هذا البيت فنم ..

قال : يا موسى ، نم معي ، فإذا جاء رب هذ البيت غضب علي وعليك جميعاً ..

فلما ناما ، أخذ هارون الموت ،
فلما وجد حسّه قال : يا موسى خدعتني !!

فلما قُبض رفع ذلك البيت ، وذهبت تلك الشجرة ، ورفع السرير به
إلى السماء !!


مقام سيدنا هارون !


مقام سيدنا هارون الذي يقع على الجبل الذي قُبض فيه !

فلما رجع موسى إلى قومه وليس معه هارون ..
قالوا : قتلت هارون حسدا لحب بني إسرائيل له ..

لأن هارون كان ألين عليهم من موسى !
فلما سمع موسى ذلك قال : ويحكم ؟؟ أأقتل أخي ؟؟

فلما جادلوه وأكثروا عليه ، قام وصلّى لربه ،
ثم دعا ..
فجاء هارون بسريره فنظروا إليه وصدّقوه !!


بعدها .. عاش موسى ـ عليه السلام ـ مكملا دعوته

التي وكّله الله به ..

وصحب بعد وفاة أخيه هارون فتاه يوشع بن نون

الذي سيكلّف بالنبوة بعد وفاة موسى !!


وهو الفتى الذي سيدخل ببني إسرائيل

إلى الأرض المقدسة !!

بعد أن مات جميع من تخلّفوا عن دخولها في زمن موسى ..

وبقي معه من ذلك الجيل كالب بن قونا

وهو زوج مريم أخت موسى وهارون !!


:: وفاة موسى ـ عليه السلام ::

بعد مرور سنتين على وفاة هارون ـ عليه السلام ـ

وقبل انتهاء سنين التيه بـ 8 سنين ..

جاء ملك الموت إلى موسى ـ عليه السلام ـ

بصورة لم يعرفها موسى ،


فقال له : أرسلني الله إليك لأقبض روحك ..


فلطمه .. ففقأ عينه ..!!


فعاد ملك الموت إلى الله ـ سبحانه ـ

فقال : يا رب أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ..


فرد الله عليه عينه ثم قال : ارجع إليه فقل له أن يضع يده على متن ثور ،

فله بما غطت يده بكل شعرة سنة !


فرجع ملك الموت إلى موسى ـ عليه السلام ـ

وقال له : إن الله يقول لك إن أردت الحياة فضع يدك على متن ثور

فما غطت يدك بكل شعرة سنة !


فقال موسى : ثم ماذا ؟


قال : ثم الموت !!


قال : فالآن ..

ثم سأ الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة

رمية بحجر ..!!



فاستجاب له الله ، وقُبض وهو في جبل نيبو

الذي يبعد عن الأقصى 25 كلم ..!!


مقام سيدنا موسى !


وهكذا انتهت أطول قصة ذُكرت في القرآن الكريم ..


وقد أكمل فيما بعد قصة بني إسرائيل

ودخولهم الأرض المقدسة

وقصصهم مع أنبيائهم وملوكهم ..


موسى ـ عليه السلام ـ 12



:: قصة البقرة ::


في سنين التيه ..
عاش بنو إسرائيل حياة غير مستقرة ،
فقد عاشوا وهم متفرقين إلى اثني عشر فرقة ،

و موسى ـ عليه السلام ـ
يعلم أنه لا يمكن
أن يذيب الاختلافات التي بينهم ،
ولهذا كان لكلٍ منهم عين خاصة ،
وغمامة خاصة ..

" وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى "


كان في أحد أسباط بني إسرائيل ،
رجل فقير جدا ورأس ماله بقرة وكان يعلم أنها نادرة ،
ولم يكن له أرض ليعمل بها في الحراثة !!
وكان له زوجة وابن صغير ،
لما شارف على الموت ، دعا زوجته وابنه ،
وأوصى ولده بأن لا يبيع البقرة إلا إذا كبر !!

مات الأب ، وجاء رجل إلى الولد
وعرض عليه الكثير من الأموال ليبيعه البقرة ،
لكن الولد تذكر وصية أبيه ، فرفض ، ورفضت أمه !!

وقال الولد : لن أبيعها إلا بوزنها ذهب !!




في سبط آخر .. كان هناك رجلٌ ثري ،
وله ابن أخ فقير ، وكان يعطيه من ماله ،
ولكن هذا الولد لم يكن يرضى لأنه يرى أنه يستحق
أكثر مما يعطيه عمه !!

فمرّت السنين ..
وكبر هذا الشاب ، وزاد طمعه في مال عمه ،
وكان لعمه هذا بنت وحيدة ،

فكانت تراوده أفكار .. بأن يقتل عمه
ويتزوج ابنته ، ويرث مال عمه كله !!

خاف الشاب من قتل عمه ،
لأن عقوبة القاتل في التوراة القتل !!

" وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين
والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص "

ثم فكّر ..
وقرر أن يأخذ عمه إلى سبط آخر
ويقتله عندهم ، ثم يُلصق التهمة عليهم ،
وهو يثق بأن سبطه سيقف في صفّه !!

لأن أسباط بني إسرائيل كما ذكرنا
بينهم الكثير من الخلافات ويبغضون بعضهم !!



وبالفعل .. أخذ عمّه إلى سبط آخر
ثم قتله ..
وصرخ في قبيلته : إن عمي قد قُتل !

فبدأت قبيلة هذا الشاب تميل معه ضد تلك القبيلة ،
وحدثت فتنة بين القبيلتين ،
فاستدعوا موسى ـ عليه السلام ـ ليحكم بينهم !!



فقال موسى : اذبحوا بقرة ، واضربوه بجزء منها
وسوف ينهض ويخبركم من قتله !!

لماذا كل هذا ؟
لأنهم لم يؤمنوا بالبعث ، وبأن الله قادر على إحيائهم
بعد الموت !

ولماذا بقرة ؟
لأنهم عبدوا العجل ، وما زال في قلوبهم بعض التقديس للبقرة ،
فإذا ذبحوها زال هذا من قلوبهم !

فكان ردّهم على نبي الله : أتتخذنا هزواً ؟
رجلٌ يموت وأنت تقول اذبحوا بقرة ؟

قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ..

فقالوا : ادعُ لنا ربّك أن يوضح ما صفة تلك البقرة ؟

وللعلم .. فلو ذبحوا أي بقرة لكفتهم ،
لكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم !

قال : إنها بقرة ليست صغيرة ولا كبيرة متوسطة في العمر ..

فقالوا : ادعُ ربك يبين لنا ما لونها ؟

قال : إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسرّ الناظرين ..

فقالوا : ادعُ لنا ربك يبين لنا صفاتها فإن البقر قد تشابه علينا
وإنا إن شاء الله لفاعلون ..!!

قال : إنها بقرة لا تعمل في حرث الأرض ،
وهي سليمة من العيوب ، ولا لون فيها غير الأصفر !!

فعرفوا أنها بقرة ذلك اليتيم الذي توفي أبوه من سنين
فذهبوا عنده وقد أصبح شاباً ، فعرضوا عليه أن يعيطهم البقرة
فقال : لا أبيعها إلا بوزنها ذهب !!

فعادوا إلى موسى وقالوا له : لقد رفض أن يعطينا البقرة
إلا بوزنها ذهب !!

قال موسى : هو وما يريد ، نفذوا أمر الله !!

ففعلوا ..
فذبحوها ..
وضربوا القتيل بجزء منها ..

فنهض وقال : ابن أخي هو من قتلني ..!!

ثم عاد ميتاً ..!!



ويقول الله ـ سبحانه ـ بعد ذكر هذه القصة
في سورة البقرة
" ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة
أو أشد قسوة ، وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار
وإنّ منها لم يشقق فيخرج منه الماء ،
وإنّ منها لما يهبط من خشية الله "

فصارت قلوبهم مع طول الأمد قاسية ،
وبالرغم مما شاهدوا من آيات ومعجزات أمام أعينهم ،
فلم يعودوا يؤمنوا بشيء !!




يتبع ...



موسى ـ عليه السلام ـ 11


موسى و الخضـر

كان موسى ـ عليه السلام ـ قائماً يخطب في بني إسرائيل ،
فسأله أحدهم : أي الناس أعلم ؟
فقال موسى : أنا ..!

فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ،
فأوحى الله إليه : إنّ لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك ؟

فقال موسى : يا رب ، وكيف لي به ؟

قال : تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل ،
فحيثما فقدت الحوت فهو هناك .


فبدأ موسى ـ عليه السلام ـ رحلته
وأخذ معه فتاه يوشع بن نون



وأخذ معه مكتل .. ووضع فيه سمكة ..
وقال لفتاه : لا أكلفك إلا بحمل هذا المكتل !

ثم ودّع قومه .. وبدأ في التفكير ..
أي نقطة هي إلتقاء البحرين ..!

فهناك نقطتين يعرفهما موسى ..



إما ما يُعرف حاليا برأس محمد في سيناء ،
أو نقطة إلتقاء نهر النيل الأزرق بنهر النيل الأبيض في الخرطوم !

وقد رجح بعض العلماء أنها نقطة إلتقاء النيلين !


بعد أن سارا طويلا ..

أتيا إلى صخرة ، ووضعا رؤوسهما فناما ..
واضطرب الحوت في المكتل ، فخرج منه فسقط في البحر !

فلما استيقظا .. نسي يوشع أن يخبره بالحوت ،
فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ..!

وقال موسى لفتاه : " لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين
أو أمضي حقبا "

إما أن أجد مجمع البحرين ،
أو أظل أبحث عنه إلى الأبد !

حتى إذا كان من الغد قال موسى :
" آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً "
وهذا من مشيئة الله ، فلم يشأ أن يشعر بالجوع
إلا عندما يفقد الحوت !

فقال فتاه : أتذكر الصخرة التي أوينا إليها ،
فقد سقط مني الحوت هناك ، ولكني نسيت أن أخبرك !

فقال موسى : هذا ما كنا نريده !



فرجعا إلى حيث فقدا الحوت بالأمس ،
عند الصخرة !




فوجدا رجلاً نائماً مسجّى بثوب ( أخضر ) ،
فانتظراه حتى استيقظ ..

فقال له موسى : السلام عليكم ..

فقال : وأنّى بأرضك السلام ؟

قال : أنا موسى ..

قال : موسى بني إسرائيل ؟

قال : نعم ..

قال : وماذا تريد ؟

قال : أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا !

قال : إنك لن تستطيع معي صبرا ، فقد آتاني الله علم لا تعلمه أنت
وأعطاك علما لا أعلمه أنا !

فقال : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا !

فقال : إن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى
أخبرك عنه !



فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ،
فمرت سفينة وفيها بحّارة بسطاء ، فكلمهم الخضر أن يحملوهم ،
فعرفوا الخضر فحملوهم من غير أجر !

فنظر
الخضر يمينا ويسارا ، ثم اقتلع لوحاً من السفينة ..

فغضب
موسى وصرخ : أخرقتها لتغرق أهلها ؟

فردّ عليه : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ؟

قال : لا تؤاخذني بما نسيت ، فما رأيته منك
لم يكن بوسعي الصبر عليه !

فانطـلــقــا ..



فشاهدا مجموعة من الفتيان يلعبون ،
فنظر إليهم
الخضر ، فدخل على أحدهم ،
وأمسكه واقتلع رأسه ..!

فقال موسى : أقتلت نفسا زكية من غير نفس ،
لقد جئت شيئا نكرا !

فقال
الخضر : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ؟

فقال موسى : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني !

فـانــطلــقا ..

http://www4.0zz0.com/2010/09/27/10/535952429.jpg

ودخلا قرية فيها أناس بخلاء ،
فطلبا منهم أن يطعموهما ، فرفضوا ..

وبينما كانا يمشيان في القرية ،
لاحظ الخضر جدار بيت قد مال ويكاد أن يسقط ، فأقامه !

فقال له
موسى : لما لم تطلب منهم أجرا على عملك هذا ؟

فقال له الخضر : هذا فراق بيني وبينك ،
سأخبرك بكل ما لم تستطع أن تفهمه وتصبر عليه ،

فبدأ بأمر السفينة ، وقال " أردت أن أعيبها "
أي أن يسبب فيها عيباً لا أن يغرقها ..
وكان وراء هذه السفينة ملك يأخذ كل سفينة غصبا ،
ولكن إن رأى هذه السفينة معيوبة فلن يأخذها .!

ثم أخبره عن الغلام ..
" أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا ، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة
وأقرب رُحما "
فرحمة من الله أنه أنجاهما منه ،
لأنه كان كافرا وقد يتبعاه في يوم ما ،
وسيعوضهما بولد آخر رحيم !

ثم أخبره عن الجدار ..
" أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة
وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا ،
فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما "
لقد كانت القرية التي يعيش فيها هذين اليتيمن
قرية بخيلة ، يستضعف فيها القوي الضعيف ،
وكان والدهما خائف على ماله قبل أن يموت
فحفر حفرة ووضع كنزه فيها ،
وبنى الجدار فوقه !
وها هو الجدار قد بدأ يميل ، ثم سيسقط
ويُلاحظ الكنز ، ويستولي عليه أهل القرية ..
فأقمت الجدار ، ولن يسقط بإذن الله إلى أن
يبلغ اليتيمين ويستخرجاه ..

وهذا هو تأويل لكل ما فعلته !!



فعاد موسى ـ عليه السلام ـ
ويوشع بن نون ـ عليه السلام ـ
إلى أرض سيناء .. حيث سيعيشان
ما بقي من سنين التيه !



يتبع ...


موسى ـ عليه السلام ـ 10




:: طريقهم إلى الأرض المقدسة ::


سار موسى ـ عليه السلام ـ بقومه حتى وصلوا إلى جبل نيبو ،
وموسى يملأه الاشتياق للمسجد الأقصى ،
وجبل نيبو يبعد عن الأقصى 30 كيلو
وهو في الأردن على الحدود مع فلسطين !!


( صورة للمسجد الأقصى من فوق جبل نيبو )

" وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم
إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ،
يا قومِ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم
ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين "

قال موسى ـ عليه السلام ـ لقومه :
يا قومِ ها هي الأرض المقدسة ،
فادخلوها فقد كتبها الله لكم !


" قالوا : يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها
فإن يخرجوا منها فإنا داخلون "

فردوا عليه : يا موسى إنّ فيها قوما جبارين وقتلة
لذا فإننا لن ندخلها حتى يخرجوا منها !


" قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب
فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين "

فقال رجلان وهما يوشع بن نون و كالب بن يوقنا :
إن توكلتم على الله فسينصركم عليهم !


" قالوا : يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها
فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "

فأصرّ قومه على عدم الدخول ..

ومن هول ما قالوه ، شقّ يوشع وكالب ثيابهما
وخر موسى وهارون ساجدين إعظاما لهذا الكلام
وغضبا لله تعالى ، وخوفا منه !!


فقال موسى :
" قال ربِ إني لا أملك إلا نفسي وأخي
فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين
"

" قال : فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض
فلا تأس على القوم الفاسقين "

فكانوا يسيرون ليلا ونهارا من غير مقصد ،
ولم يخرج أحدٌ ممن دخل في التيه
فجميعهم ماتوا
وانتهى الجيل الانهزامي ،
وبقي الأبناء فقط مع يوشع وكالب !

حتى موسى ـ عليه السلام ـ مات في سنين التيه
ولم يدخل الأرض المقدّسة !

صحراء سيناء

:: سنين الـتــيـه ::

بدأت سنين التيه وكانوا يتنقلون من غير هدف ،
وكانت أطول مدة في التيه في صحراء سيناء ،

قام موسى ـ عليه السلام ـ بتوزيع بني إسرائيل إلى ١٢ فرقة
على حسب السبط الذي يعودون إليه من بين أبناء يعقوب ـ عليه السلام ـ

ثم بدأ موسى ـ عليه السلام ـ
يتلو عليهم ما في التوراة ويخبرهم بالوصايا العشر التي فرضها الله عليهم ..

وهــي :
1 ـ أن الرب إلاهكم الذي أخرجكم من العبودية ،
فلا تكون لكم آلهة غيره .
2 ـ لا تصنع لك تمثالا أو صورة وتسجد لهم من دون الله .
3 ـ لا تحلف باسم ربك باطلاً .
4 ـ يوم السبت يوم تقديس وعبادة ، وبقية الأيام للعمل .
5 ـ أكرم أباك وأمك لكي يطول عمرك في الأرض .
6 ـ لا تقتل .
7 ـ لا تزنِ .
8 ـ لا تسرق .
9 ـ لا تشهد شهادة الزور .
10 ـ لا تشته بيت قريبك ولا امرأته ولا عبده
ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا كل شيء له .


فكان ردهم : هذه الأوامر لا تناسبنا ، فاعرض علينا التوراة
لنختار منها ما نشاء ونترك ما نشاء !

فقال لهم : أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟


( صورة الجبل الذي ارتفع فوق رؤوسهم )

" وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة
وظنّوا أنه واقع بهم ،
خذوا ما أتيناكم بقوة "

فرفع اللهُ الجبل فوقهم كأنّه ظلّة ،
وظنّوا أنه على وشك أن يسقط عليهم ..

فقال لهم موسى : ستأخذون ما في التوراة من الأوامر رغماً عنكم ..

فقالوا وهم يشاهدون الجبل فوق رؤوسهم :
حسنا ، سنفعل !



:: تـوبــتــهــم ::

" واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا "

وبعد هذا ، أخذ موسى من قومه سبعين رجلا من الفرق الاثني عشر ،
ليتوبوا إلى الله عما فعلوه ،
فأمرهم موسى بالتطهّر والاغتسال والتطيب ،
ففعلوا هذا ..

وعندما وصلوا إلى الجبل ، كلمه ربّه ،

وقيل أنهم كانوا يسمعون الكلام ، لذا قال الله
" يسمعون كلام الله ثم يحرفونه "

وقيل .. بل موسى فقط هو من كان يسمع !


" وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة
فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون "

ثم قالوا لموسى : إنما أنت من تخاطب ولسنا نحن
فلن نؤمن حتى نرى الله بأعيننا !

فأخذتهم الصاعقة ، وأخذوا يتساقطون الواحد تلو الآخر
حتى انتهوا كلهم ..

هؤلاء كانوا خير أبناء بني إسرائيل ،
فأخذ موسى يدعو ربه أن يبعثهم ،
لأنه لا يستطع العودة وقد وعد قومه بأنه سيعود
وقد غفر لهم !

فدعا موسى ربه :
" رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي
أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ، إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء
وتهدي من تشاء ، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين "

فبعثهم الله من بعد موتهم ..
وآمنوا بما في الألواح من وحي الله إلى موسى !!


:: الحـياة في التـيـه ::

ثم عاد موسى والسبعون رجلا إلى القوم ..
وأخبرهم بتوبة الله عليهم ، لكنهم سيظلون في التيه
أربعين سنة كما حكم عليهم الله !

فشكو إليه ضعفهم وجوعهم لأنهم تاهوا في صحراء سيناء ،
فجمعهم ودعا الله أن يسقيهم ، فلم يستجب دعوته ..

فقال موسى : يا رب ، لم أتعود منك إلا الإجابة !

فأوحى إليه الله : لن ينزل المطر فبينكم شخص يعصيني من ٤٠ سنة ،
فلن ينزل المطر بسببه !

فوقف موسى فصرخ : من منكم يعصي الله منذ أربعين سنة ،
فبسبب معصيته منعنا المطر ،
فأنا أأمره بأن يخرج من بيننا !!

فكان العاصي حائرا ، ويردد في سره إن أنا خرجت فُضحت
وإن بقيت لم ينزل المطر ..
فتاب إلى الله سرا !!

فنزل المطر !!

فقال موسى : يا رب ، نزل المطر ولم يخرج ذلك العبد العاصي !

فأوحى الله إليه : نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي بعد أربعين سنة !

فقال موسى : يا رب ، دلّني عليه !

فقال : عصاني أربعين سنة وأنا أسترها عليه ،
أأفضحه وقد تاب ؟

فشربوا حتى ارتووا كلهم ..!!


:: عيون موسى ::

ثم طلبوا من موسى بأنهم يريدون ماءاً دائماً
يشربون منه متى أرادوا !!

( صورة لعيون موسى )

فأمره الله بأن يذهب إلى الحجر ويضربه
ليخرج منه اثنا عشر عيناً
لكل فرقة منهم عين خاصة !!



" وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المنّ والسلوى
كلوا من طيبات ما رزقناكم "

ثم شكوا إلى موسى ـ عليه السلام ـ
حرّ الصحراء ..

فدعا ربّه .. فأرسل سبحانه الغمام ليقيهم حرّ الشمس
وأرسل عليهم اثنا عشر غمامة لكل قبيلة !



فكانت الغمام تحميهم حر الشمس ،
وتتنقل معهم أينما ذهبوا !


ثم شكوا إلى موسى جوعهم ،
فدعا الله سبحانه ،
فأرسل عليهم المنّ والسلوى ..


أمــا المن ..
فهو نبات ينبت تحت الأرض
طيب الطعم كالعسل !


صورة للمنّ


أمّا السلوى ..
فهو طائر السمّان ،
فقد كانت جماعات منه تطير حتى تصل إليهم
فيهبطوا على الأرض بينهم ، ولا يهربوا ،
حتى يقتلوهم ويأكلوهم !


صورة لطائر السمّان ( السلوى )


وكان رزقهم هذا يصل إليهم كل يوم ..
يستيقظوا والمنّ والسّلوى بينهم !!



فاستمرت حياتهم على هذا
معظم سنين التيه !!




تابع ..


موسى ـ عليه السلام ـ 9



:: عبادتهم للعجل ::


بعد أن غاب موسى ـ عليه السلام ـ أربعين يوماً
كان موسى قد ترك بني إسرائيل تحت قيادة أخيه هارون !!

وفي هذه اللحظات .. ظهر شخص اسمه ( السامريّ )
يُقال أنه ليس من بني إسرائيل ، بل هو من عائلة قديمة اسمها ( السامرية )
كانت تسكن العراق !!


" حمّلنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها ، فكذلك ألقى السامريّ "

عندما هرب بنو إسرائيل ، كانوا يحملون مع أمتعتهم
حلية استعاروها من نساء مصر ،
وعندما وصلوا إلى الساحل المقابل من البحر
تذكروا هذه الحلية وكيف أنه يجب إعادتها لأهلها ،
ولكن تذكروا صعوبة هذا عليهم ،

فاقترح عليهم السامريّ بأن يلقوها في البحر
وبذلك تبرأ ذممهم منها !!

وهذا ما فعله بنو إسرائيل ،
ألقوا بجميع الحلية في البحر !!

وبعد أن عادوا إلى ديارهم ،
قام السامريّ بجمع هذه الحلية ،
وكان ماهراً في ( النحت ) ..

فصنع منه عجل من ذهب ووجعل فيه فتحتان في مقدمته ومؤخرته
ووجه إلى اتجاه الريح ،
فكان كل ما مرت ريح يصدر من هذا العجل المنحوت صوت !

ثم دعا بني إسرائيل وقال لهم : هذا هو إلاهكم وإله موسى
ولكن موسى نسي وذهب إلى مكان آخر !!

فصدر صوت من هذا العجل فصدّقوه ، وعبدوه !!

وسبب اختياره للعجل ، أن المصريين كانوا يعبدونه ،
وما زال بنو إسرائيل متأثرين بالمصريين !!


" ولقد قال لهم هارون من قبل : يا قومي إنكم فُتنتم به
وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري "

" قالوا : لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " !!

عندما رآهم هارون يعبدون العجل ،
قال لهم : إنه ليس إلاهكم إنما هو فتنة لكم فاتركوه !!

فقالوا : سنظل ساجدين عليه حتى يرجع موسى ،
فنتأكد من أنه وجد إلهاً آخر !!

فخاف هارون في أن يدخل معهم في صراع ،
خاصة أن من آمن قليل ، فاختار انتظار موسى حتى يأتي !!


وفي الليالي العشر الأخيرة من لقاء موسى بربه ،
قال له الله ـ عز وجل ـ
" قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلهم السامريّ ،
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسِفا "

عاد موسى ـ عليه السلام ـ إلى قومه
والألواح في يده ، وعندما رآهم عاكفين للعجل
ألقى الألواح ..

وقال لهم : يا قومي ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً ،
هل طال بكم الانتظار ، أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم ،
فأخلفتم موعدي ؟

فردّوا عليه : إنا لم نفعل هذا بإرادتنا ، إنما أغرانا به السامريّ !!



" قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ،
ألا تتبعنِ أفعصيت أمري ،
قال : يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي
إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقُب قولي "

ثم التفت إلى أخيه هارون ، وشدّه بلحيته وقال :
يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضالّين ، لمَ لمْ تمنعهم ،
لمَ عصيتً أمري ؟

فردّ هارون : لقد خفت إن أنا شددت عليهم أن أسبب فتنة بينهم
فيقتتلوا ويتفرقوا ثم تعود وتحاسبني على ذلك !!

فتركه موسى .. ودعا : اللهم اغفر لي ولأخي !!


" قال فما خطبك يا سامريّ ،
قال : بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول
فنبذتها وكذلك سوّلت لي نفسي ،
قال : فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإنّ لك
موعدا لن تُخلفه ،
وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرّقنه ثم لننسفنّه في اليم نسفا "

توجه موسى إلى السامري وقال :
ما خطبك ؟

قال : لقد رأيت ما لم يروه ، فلقد رأيت ملكاً ( يقصد جبريل ) حين انفلق البحر
فقبضت قبضة من أثر قدمه فنفختها على العجل ، وكذلك سوّلت لي نفسي !!
يقول ابن كثير : قد يكون فعلاً رآه ، لذلك فلم يجادله موسى في ذلك ..

فقال له موسى : اخرج من بيننا ، فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس
أي لا يقرب أحدا ، ويقال أنه أصيب بمرض جلدي ،
وانظر إلى هذا العجل الذي سجدت له لنحطمنه ثم لنحرقنه ثم سنلقيه في البحر !



ثم عاد موسى ـ عليه السلام ـ ليخاطب قومه ،
فقال لهم : إنما إلاهكم الله الذي لا إله إلا هو ،
ولقد ظلمتم أنفسكم باتخاذكم هذا العجل إلاهاً من دونه
فتوبوا إلى الله واقتلوا أنفسكم ليتوب عليكم ..!

( وكان سبب أمره لهم بقتل أنفسهم
لأنهم لا يؤمنوا بالغيبيات ، لذلك فهم لن
يستوعبوا معنى التوبة إلا بشيء عملي )

فعندما همّوا إلى قتل أنفسهم ، قال لهم موسى :
قد غفر لكم !



ثم أمرهم موسى بأن يشدوا الرحال
إلى الأرض المقدّسة ..




يتبع ...



موسى ـ عليه السلام ـ 8



قبل أن نكمل قصة موسى ـ عليه السلام ـ
هناك بعض التوضيحات التي يجب أن نعرفها
لكي نفهم طريقة تفكير بني إسرائيل !

أُرسل موسى إليهم وهم أذلاء ..
لم تكن لديهم أي قدرة على المبادرة والاختيار ،
لم يكن لديهم أي استعداد للتصديق ،
كانوا جهلة .. فلم يكن يُسمح لهم بالتعليم ..!

بالرغم من المعجزات العظيمة التي حصلت أمام أعينهم ،
فقد أصيب المصريين بالمعجزات وهم لم تكن يصيبهم منها أي شيء ..

رأوا البحر أمامهم ينقسم إلى نصفين ومع هذا
ظلّوا على ما هم عليه ..


:: مشكلة بني إسرائيل ::

أنّهم لم يكونوا يؤمنوا بالغيبيات ،
لذلك فكانت معجزات موسى أمور ملموسة !!
كتحوّل العصا ، وانفلاق البحر
وما سيأتي لاحقا من معجزات !!

وهذا عكس ما حدث مع
نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فقد وصفنا الله ـ تعالى ـ في أول آية في سورة البقرة
بـ " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة "

وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول :
لو تتراءى لي الجنة والنار أمام عيني لما ازددتُ يقيناً
لأنني موقنٌ فعلا بوجودهما !



:: الـمــوعــد ::



بعد أن نجا بنو إسرائيل ، خرج موسى إلى الطور للقاء ربه ..
وقال لهارون أن يبقى بين بني إسرائيل !

" وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر "
أخبر موسى أخاه هارون بأنه سيغيب ثلاثين ليلة ،
في هذه الليالي التي خرج فيها موسى يتعبّد الله في جبل الطور ،
فأنزل الله التوراة على موسى ـ عليه السلام ـ
وزاده الله عشرة ليال مكافأة له على تعبّده ..!!

فحاور الله موسى وعلّمه ما في التوراة ،
وكان موسى يسأل ..:

قال موسى : يا رب ، إن هناك رجلين من بني إسرائيل
واحد صالح والثاني عاصي ،
قبل أن آتي إلى الميقات وجدتهما يدعونك
فالصالح يقول : يا رب ..
والعاصي يقول مثل ذلك ..!
فما فعلت بهما يا رب !؟

فقال تعالى : قلت للصالح لبّيك عبدي ،
وقلت للعاصي لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي !

فقال موسى : يا رب ، تقول للصالح ذلك وتقول للعاصي ذلك ؟

فقال : أما الصالح حين دعاني فكان يعتمد على عمله ،
أما العاصي فحين دعاني فكان يعتمد على رحمتي !


ما زال موسى في جبل الطور ..

فناداه الله : يا موسى ، إن من عبادي من أدخلهم جنتي وأخيرهم فيها ،
يختاروا من قصورها وثمارها وأنهارها ما شاؤوا ..
فقال موسى : من هؤلاء ؟
قال ـ عز وجل ـ : من يدخل السرور على أهل بيت
من المؤمنين !



ما زال موسى في جبل الطور ..

إذ ناداه الله وقال : ما هي الأعمال التي عملتها لي يا موسى ؟
قال : صليت لك وذكرتك وقمت بين يديك وصمت لك ..
فقال : يا موسى ، أما الصلاة فلك نور ، والصدقة لك برهان ،
ولكن هل عملت لي عملا قط ؟
فقال موسى : ما العمل الذي أكون عملته فيك قط ..
فقال : هل أحببت أحداً لي قط ؟ وهل واليت لي ولياً من قبل ؟

فعلم موسى أن أعلى درجات القرب أن تحب في الله
وتؤاخي في الله ..!


قال الله ـ عز وجل ـ : يا موسى ، هل تعرف لما اخترتك من بين الناس ؟
قال : لا ..
قال : إني قد قلبت الناس على ظهورهم وبطونهم فلم أجد
في زمانك قلباً أذل إلي من قلبك يا موسى !



قال الله ـ تعالى ـ : تمنّى يا موسى !

فقال : هي أمنيتين ..
أما الأولى : إنّي وجدت في الألواح (التوراة)
أن لك أمة من الأمم الحسنة عندهم إذا همّوا بها ولم
يعملوا بها كتبت لهم حسنة ، وإذا عملوها كتبت لهم بعشر أمثالها
فاجعلهم أمتي ..

فقال الله : يا موسى ، لن تكون أمتك
هذه أمة محمد ..!

فقال : يا رب ، إني رأيت أن هناك أمة يأتون يوم القيامة
يشفعون ويشفّعون ، فاجعلهم أمتي ..

فقال ـ تعالى ـ : هذه أمة محمد ..!

فقال : يا رب ، رأيت في الألواح أن هناك أمة يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر ، فاجعلهم أمتي !!

قال : إنها أمة محمد ..!

فقال : يا رب ، قرأت في الألواح أن هناك أمة هم أكثر أهل الجنّة
فاجعلهم أمتيي!!

فقال : يا موسى ، أكثر أهل الجنة أمّة محمد ..!



" ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ،
قال : رب أرني أنظر إليك ،
قال : لن تراني ، ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ،
فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا
وخر موسى صعقا فلما أفاق
قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين
"

كان كلام موسى مع الله سبحانه من وراء حجاب ،
وبعد هذه المناجاة والقربة سأل موسى :
رب أرني أنظر إليك ، من دون حجاب !

فقال تعالى : إنك لن تراني ، ولكن انظر إلى الجبل
فسأتجلّى له ، فإن استقر مكانه فسوف تراني !

فتجلّى سبحانه للجبل كما ذكر ابن كثير ( قدر خنصر )
فجعله دكّا .. أي ترابا ..
ومن هول المنظر أغشي على موسى ـ عليه السلام ـ !!




يتبع ..

موسى ـ عليه السلام ـ 7



الــغــرق

عاد موسى ـ عليه السلام ـ إلى أحياء قومه
وقد نزل عليه الأمر الرباني : " أن أسرِ بعبادي ليلاً إنكم متّبَعون "
فجمع هو وهارون القوم جميعهم صغيرهم وكبيرهم وهم 600 ألف !

فكان من خرج مؤمناً بهما قليل ،
والبقية الكثيرة كان سبب خروجهم خشية من فرعون !

" فأرسل فرعون في المدائن حاشرين ، إن هؤلاء لشرذمة قليلون ،
وإنهم لنا لغائظون "

فجمع فرعون جيوشه من جميع المدن ،
وأخبرهم بأن هذه القلّة القليلة قد استحقت غضبه !



قاد موسى ـ عليه السلام ـ قومه إلى أن وصلوا إلى البحر
فلحق بهم فرعون وجنوده ،

" فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى : إنّا لمدركون ،
قال : كلا إن معي ربي سيهدين "

وصل بنو إسرائيل إلى البحر ، وإذا بهم يرون فرعون وجنوده
خلفهم مباشرة ، فأدركوا أنهم هالكين ،
إلا أن موسى ـ عليه السلام ـ علم أن الله لم يكن ليضيعه !

فكان موسى ـ عليه السلام ـ ينظر إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه ،
ويقول : ها هنا أُمِـــرت ،
ومعه هارون ويوشع بن نون ويقال أن مؤمن آل فرعون كان معهم
فكان هذا المؤمن يقتحم بفرسه مراراً في البحر :
هل يمكن سلوكه
ثم ينظر إلى موسى ويقول : يا نبي الله أهاهنا أمرت ؟
فيقول : نــعــم ..

فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتد ،
واقترب فرعون وجنوده في جدهم وحدّهم وحديدهم وغضبهم
وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ..

فعندها أوحى الله ..



" فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ،
فكان كل فرق كالطود العظيم "



وبعد أن وصل كل بني إسرائيل ،
ضرب موسى البحر بعصاه لعلّه يُغلق كما كان قبل أن يلحقه فرعون ،

" واترك البحر رهواً إنهم جندُ مغرقون "
أي اتركه كما هو ، فإنهم سيغرقون ..!!

فقال فرعون لجنوده : ألم أقل لكم أنه ساحر ، فالحقوا بهم !!
وقادهم هو بنفسه يسير بهم بين فرقتي البحر ،
وعندما دخل جميع جيش فرعون أمر الله البحر ليعود كما كان ،
فصرخ فرعون : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل ..
لكن بعد ماذا ؟

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" قال لي جبريل : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر ،
فأدسه في فم فرعون مخافة أن تناله الرحمة " !



:: إضــافــة ::

" ربّنا إنك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا
ربنا ليضلوا عن سبيلك ، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم
فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ،
قال : قد أُجيبت دعوتكما ، فاستقيما ولا تتبعانّ
سبيل الذين لا يعلمون "

عندما دعا موسى وهارون ربهما هذا الدعاء
بأن يهلك فرعون ،
فأخبرهما الله ـ تعالى ـ بأنها دعوتهما قد أجيبت !

لكنها لم تحدث إلا بعد 40 سنة من هذا الدعاء !

قال بعض المفسّرين ،
أن سبب تأجيل الاستجابة 40 سنة
وإمهال الله له كل هذه المدة ،
وإرسال المعجزة تلو المعجزة ..

هو أن فرعون كان
" باراً بأمّـــه " !




:: كليب ::

يحكي قصة موسى من يوم الولادة
إلى غرق فرعون وجنوده :

http://www.youtube.com/watch?v=DgpEbojhw2c




تابع ....


موسى ـ عليه السلام ـ 6


قــارون



كان من بني إسرائيل ،
وكان ممن جعله فرعون جاسوسا بينهم ،
كان ينقل أسرار بني إسرائيل أيام قتل الأطفال
ويخبر عن الأمهات الحوامل ،
ولهذا كان قارون ذا مالٍ كثير ..

واشتهى الناس مثل ماله ،
خاصة أنه كان غنيا في وقت كان بنو إسرائيل
يتمنون اللقمة ولا يجدوها !!

فخسف الله به وبدراه وبماله ،
وانتهى وكأن شيئا لم يكن !!

وفي روايات أخرى ، أن قصة قارون
حدثت بعد الهروب من مصر !



الآيات الـتـسـع التحذيرية
والــهــروب الكــبيــر


مرّ على دعوة موسى لفرعون 15 سنة ،
وما زال يدعوهم ..
وقد زاد إيذائه لبني إسرائيل ..!

وفي يوم من الأيام ، بينما هو في ديار بني إسرائيل ،
قالوا له : لقد أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا !

فتبيّن لموسى ـ عليه السلام ـ أنهم لم يعودوا يطيقوا صبرا ،
خاصة مع استمرار تكذيب فرعون لرسالته ..



أخيرا ..

ذهب موسى إلى فرعون وقال له :
أرسل معي بني إسرائيل لنهاجر بعيدا عنك !

فقال فرعون :
كــــلا ..

وفي نفسه : كيف يخرجون وقد أصبحوا 600 ألف شخص
يستطيعون في أي وقت العودة للانتقام ،
ولو تركهم ليخرجوا ستنهار هيبته !!



:: الآيات التسع التحذيرية ::

للمعلومية :
لم يكن يضرّ بني إسرائيل منها شيء !



( 1 ) الــعـــصـــا .

( 2 ) الــــيــــد .

( 3 ) الــمــجــاعــة :

وكانت أرض مصر أرض زراعية
فانقطع الماء من السماء وجفّ النيل ،
فجفت النباتات !

وبعد أن كشف الله عنهم هذا ..
ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
ما هذه إلا بيّنة لك لكي ترسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به !

#

( 4 ) الــطــوفــــان :

وما إن توقف الجفاف ، وعادت النباتات والثمار
إلا أمطرت السماء مطرا غزيرا مرعبا وفاض النيل ،
حتى أُتلفت المحاصيل !

وبعد أن كشف الله عنهم هذا ..
ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
هذه بيّنة ، فأرسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به !

#

( 5 ) الــجــراد :

وما إن عادت الأرض كما كانت ،
إلا وأرسل الله عليهم الجراد ، لتفسد محاصيلهم !

فكشف الله عنهم هذا ..
ثم ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
أرسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به !

#

( 6 ) الــقُـــمّــــل :

وما إن عادت المحاصيل والنباتات
حتى أرسل الله عليهم الـقُــمّـل ،
وهي حشرات تفسد المحاصيل الزراعية !

وبعد أن كشف الله عنهم هذا ..
ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
أما ترسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به !

#

( 7 ) الـضــفــــادع :

فكانت الضفادع منتشرة في الأحياء المصرية بكثرة ،
وفي بيوتهم ، وبين أطعمتهم !

وما أن كشف الله عنهم هذا ..
ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
هذه بيّنات من الله ، أما ترسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به !

#

( 8 ) الـــــــدم :

انقلب نهر النيل إلى دم ،
والأبار كلها أصبحت دماً ،
وكلما غرفوا غرفة من ماء تحوّل دماً وهو بين أيديهم !

وبعد أن كشف الله عنهم هذا ..
ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
أما آن الأوان لترسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به !

#

( 9 ) الـرجـــــز :

اختلف العلماء في تفسيره ،
فمنهم من فسّره بأنه مرض جلدي ،
ومنهم من قال أن السماء أمطرت حجارة !

وفي هذه الآية بالذات ، قال أتباع فرعون :
" ولما وقع عليهم الرجز ، قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك
لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل ،
فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون "


وبعد أن كشف الله عنهم هذا ..
ذهب موسى ـ عليه السلام ـ إلى فرعون وقال :
ها قد ذهب عنكم الرجز ، فآمــن وأوفِ بوعدك وأرسل معي بني إسرائيل !

فقال :
كلا .. إن هو إلا سحر أتيتنا به ، وما نحن بمرسلين معك
ببني إسرائيل
!



:: آخر حوار ::

انـتـهـت هـنـا جـمـيع فـرص فـــرعـون للنجاة ،
فقد تكبر وأفسد وطغى وتجبّر ،

فدخل عليه موسى وقال له :

" قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا ربّ السماوات والأرض بـصـائـر ،
وإنّي أظنّك يا فرعون مثبورا " .
أي : هالِـك !

فنادى فرعون قومه وقال :
" يا قومِ أليس لي ملك مصر ، وهذه الأنهار تجري من تحتي
أفلا تبصرون ، أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ،
فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء مع الملائكة مقترنين " .

أي : انظروا إلى العز الذي أنا فيه ، وانظروا إليه كم هو فقير وضعيف ،
لو لم يكن سحرا هذا الذي جاءنا به ، لماذا هو فقيرٌ إذاً وهو يدّعي
أنّ الله أعطاه كل هذه المعجزات ،
لما لا يلقي عليه أسورة من ذهب أو ينزل معه الملائكة !!



فخرج موسى ـ عليه السلام ـ
وأوحى إليه الله " أن أسر بعبادي ليلاً إنّكم متّبعون " !

فقد أصدر فرعون قراره بإهلاك بني إسرائيل ،
وما من نجاة إلا الخروج !




يتبع ....


موسى ـ عليه السلام ـ 5





يـومـ الـزيـنـة
وهو اليوم الوطني عند المصريين



تجمّع الناس في الساحة ، ليشاهدوا المتحدي الجريء
الذي تجرأ على تحدي فرعون وجنوده وحاشيته وسحرته !

يقول ابن عباس : " عدد سحرة فرعون 10 آلاف ساحر " !

وكان فرعون يعتقد أن المواجهة ستنتهي اليوم ،
وقد أمر جنوده بقتل موسى بعد ظهور خسارته مباشرة !

وكانت هذه المواجة أمام أم موسى بالتبني ( آسيا بنت مزاحم )

فوقف السحرة ، فقالوا : بعزة فرعون إنا لغالبون ..

فرد موسى : إياكم والافتراء على الله الذي سيخيب عملكم ..

فبدأوا بالتناجي فيما بينهم ، خوفا من كلام موسى ..

فتدارك فرعون وقال : إذا كنتم الغالبون فإن لكم عندي مقام حسن ،
وما هذا إلا ساحر فاجمعوا سحركم ، واضربوا ضربة واحدة !

فاصطف السحرة ، وقالوا : هل نلقي أم ستلقي أنت ؟

قال موسى : بل ألقوا أنتم !

فلمّا ألقوا عصيانهم ، وسحروا أعين الناس ، إذا بها أفاعي تتحرك ..
فخاف موسى ـ عليه السلام ـ
فألهمه الله بأن يلقي عصاه ..
فألقاها ، فإذا هي أفعى ، تأكل أفاعيهم وتلقفها واحدة تلو الأخرى ، 10 آلاف حيّة !

فعندما رأى السحرة هذا المنظر ، عرفوا أن هذه الأفعى ليست سحراً
إنما هي معجزة من عند الله ،
فسجدوا جميعا وقالوا " آمنّا برب هارون وموسى " !
وغيرهم الكثير من آمــن سرّا !

فصرخ فرعون في السحرة : هل تؤمنون به قبل أن آذن لكم ؟
إنما أنتم متآمرون ضدّي وإنه لكبيركم الذي علمكم السحر ،

لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل !

فردّ عليه السحرة : " لن نؤثر على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا ،
فاقض ما أنت قاض ، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ، إنا آمنّا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر " !

فأمر جنوده ، بقطع أيديهم وأرجلهم ، وقتلهم وصلبهم على النخل !
فمات النسحرة ، ليؤكدوا للحاضرين أن الإيمان لا يُساوم بشيء ..
فقتل فرعون في ذلك اليوم 10 آلاف مؤمن !

وقتل فيما بعد ، من آمن من أهل بيته ،
كزوجته آسيا ، وماشطة ابنته !



" في القصر "



كان من بين حاشية فرعون ،
رجلٌ مؤمن يكتم إيمانه
وهو ابن عمه ، وأحد المقربين له !

كان فرعون في اجتماع طارئ مع وزرائه بعد يوم الزينة ،
وفي أثناء حوارهم حول موسى ، أصدر فرعون قراراً بقتل موسى !

ثم نطق ابن عمه ، وقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالمعجزات ،
فإن كان كاذبا فعليه كذبه ، وإن كان صادقا فقد يصيبكم ما يعدكم به ،
ويا قوم نحن الآن الملوك وأصحاب السيادة ، لكن من سيمنعنا من بأس الله إن جاءنا !!

فقال فرعون : ولكي نحمي ملكنا يجب أن نقتل موسى ..

فقال : يا قوم ، إني أخاف أن يصيبنا ما أصاب الأمم السابقة ،
كما حصل لقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ،
وإني لأخاف عليكم يوم القيامة ، يوم لا تنفعكم أموالكم ولا سلطتكم ..
ألا تذكرون يوسف الذي جاءنا بالبينات من قبل ،
إنه جد موسى ، وموسى أكمل ما أتى به يوسف
!


فقاطعه فرعون وصرخ في هامان وقال : يا هامان ابن لي صرحاً طويلا
لعلي أطلع إلى ربّ موسى
..


فأكمل ابن عمه : يا قوم اتبعوني ، فإنما هذه الحياة الدنيا متاع ، والآخرة هي دار القرار ..
ما لي أدعوكم إلى الجنة ، وأنتم تدعوني إلى النار ،
يوما ما ستذكرون ما أقوله لكم وتعلمون أنني على حق ..!

فتآمروا على قتل هذا المؤمن ..
وقال الله سبحانه " فوقاه الله سيئات ما مكروا " ..

ولم يذكر القرآن إلى أين ذهب ذلك الرجل !



يتبع ...