موسى و الخضـر
كان موسى ـ عليه السلام ـ قائماً يخطب في بني إسرائيل ،
فسأله أحدهم : أي الناس أعلم ؟
فقال موسى : أنا ..!
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ،
فأوحى الله إليه : إنّ لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك ؟
فقال موسى : يا رب ، وكيف لي به ؟
قال : تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل ،
فحيثما فقدت الحوت فهو هناك .
فبدأ موسى ـ عليه السلام ـ رحلته
وأخذ معه فتاه يوشع بن نون
وأخذ معه مكتل .. ووضع فيه سمكة ..
وقال لفتاه : لا أكلفك إلا بحمل هذا المكتل !
ثم ودّع قومه .. وبدأ في التفكير ..
أي نقطة هي إلتقاء البحرين ..!
فهناك نقطتين يعرفهما موسى ..
إما ما يُعرف حاليا برأس محمد في سيناء ،
أو نقطة إلتقاء نهر النيل الأزرق بنهر النيل الأبيض في الخرطوم !
وقد رجح بعض العلماء أنها نقطة إلتقاء النيلين !
بعد أن سارا طويلا ..
أتيا إلى صخرة ، ووضعا رؤوسهما فناما ..
واضطرب الحوت في المكتل ، فخرج منه فسقط في البحر !
فلما استيقظا .. نسي يوشع أن يخبره بالحوت ،
فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ..!
وقال موسى لفتاه : " لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين
أو أمضي حقبا "
إما أن أجد مجمع البحرين ،
أو أظل أبحث عنه إلى الأبد !
حتى إذا كان من الغد قال موسى :
" آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً "
وهذا من مشيئة الله ، فلم يشأ أن يشعر بالجوع
إلا عندما يفقد الحوت !
فقال فتاه : أتذكر الصخرة التي أوينا إليها ،
فقد سقط مني الحوت هناك ، ولكني نسيت أن أخبرك !
فقال موسى : هذا ما كنا نريده !
فرجعا إلى حيث فقدا الحوت بالأمس ،
عند الصخرة !
فوجدا رجلاً نائماً مسجّى بثوب ( أخضر ) ،
فانتظراه حتى استيقظ ..
فقال له موسى : السلام عليكم ..
فقال : وأنّى بأرضك السلام ؟
قال : أنا موسى ..
قال : موسى بني إسرائيل ؟
قال : نعم ..
قال : وماذا تريد ؟
قال : أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا !
قال : إنك لن تستطيع معي صبرا ، فقد آتاني الله علم لا تعلمه أنت
وأعطاك علما لا أعلمه أنا !
فقال : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا !
فقال : إن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى
أخبرك عنه !
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ،
فمرت سفينة وفيها بحّارة بسطاء ، فكلمهم الخضر أن يحملوهم ،
فعرفوا الخضر فحملوهم من غير أجر !
فنظر الخضر يمينا ويسارا ، ثم اقتلع لوحاً من السفينة ..
فغضب موسى وصرخ : أخرقتها لتغرق أهلها ؟
فردّ عليه : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ؟
قال : لا تؤاخذني بما نسيت ، فما رأيته منك
لم يكن بوسعي الصبر عليه !
فانطـلــقــا ..
فشاهدا مجموعة من الفتيان يلعبون ،
فنظر إليهم الخضر ، فدخل على أحدهم ،
وأمسكه واقتلع رأسه ..!
فقال موسى : أقتلت نفسا زكية من غير نفس ،
لقد جئت شيئا نكرا !
فقال الخضر : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ؟
فقال موسى : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني !
فـانــطلــقا ..
ودخلا قرية فيها أناس بخلاء ،
فطلبا منهم أن يطعموهما ، فرفضوا ..
وبينما كانا يمشيان في القرية ،
لاحظ الخضر جدار بيت قد مال ويكاد أن يسقط ، فأقامه !
فقال له موسى : لما لم تطلب منهم أجرا على عملك هذا ؟
فقال له الخضر : هذا فراق بيني وبينك ،
سأخبرك بكل ما لم تستطع أن تفهمه وتصبر عليه ،
فبدأ بأمر السفينة ، وقال " أردت أن أعيبها "
أي أن يسبب فيها عيباً لا أن يغرقها ..
وكان وراء هذه السفينة ملك يأخذ كل سفينة غصبا ،
ولكن إن رأى هذه السفينة معيوبة فلن يأخذها .!
ثم أخبره عن الغلام ..
" أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا ، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة
وأقرب رُحما "
فرحمة من الله أنه أنجاهما منه ،
لأنه كان كافرا وقد يتبعاه في يوم ما ،
وسيعوضهما بولد آخر رحيم !
ثم أخبره عن الجدار ..
" أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة
وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا ،
فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما "
لقد كانت القرية التي يعيش فيها هذين اليتيمن
قرية بخيلة ، يستضعف فيها القوي الضعيف ،
وكان والدهما خائف على ماله قبل أن يموت
فحفر حفرة ووضع كنزه فيها ،
وبنى الجدار فوقه !
وها هو الجدار قد بدأ يميل ، ثم سيسقط
ويُلاحظ الكنز ، ويستولي عليه أهل القرية ..
فأقمت الجدار ، ولن يسقط بإذن الله إلى أن
يبلغ اليتيمين ويستخرجاه ..
وهذا هو تأويل لكل ما فعلته !!
فعاد موسى ـ عليه السلام ـ
ويوشع بن نون ـ عليه السلام ـ
إلى أرض سيناء .. حيث سيعيشان
ما بقي من سنين التيه !
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق