الخميس، أكتوبر 21، 2010

موسى ـ عليه السلام ـ 12



:: قصة البقرة ::


في سنين التيه ..
عاش بنو إسرائيل حياة غير مستقرة ،
فقد عاشوا وهم متفرقين إلى اثني عشر فرقة ،

و موسى ـ عليه السلام ـ
يعلم أنه لا يمكن
أن يذيب الاختلافات التي بينهم ،
ولهذا كان لكلٍ منهم عين خاصة ،
وغمامة خاصة ..

" وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى "


كان في أحد أسباط بني إسرائيل ،
رجل فقير جدا ورأس ماله بقرة وكان يعلم أنها نادرة ،
ولم يكن له أرض ليعمل بها في الحراثة !!
وكان له زوجة وابن صغير ،
لما شارف على الموت ، دعا زوجته وابنه ،
وأوصى ولده بأن لا يبيع البقرة إلا إذا كبر !!

مات الأب ، وجاء رجل إلى الولد
وعرض عليه الكثير من الأموال ليبيعه البقرة ،
لكن الولد تذكر وصية أبيه ، فرفض ، ورفضت أمه !!

وقال الولد : لن أبيعها إلا بوزنها ذهب !!




في سبط آخر .. كان هناك رجلٌ ثري ،
وله ابن أخ فقير ، وكان يعطيه من ماله ،
ولكن هذا الولد لم يكن يرضى لأنه يرى أنه يستحق
أكثر مما يعطيه عمه !!

فمرّت السنين ..
وكبر هذا الشاب ، وزاد طمعه في مال عمه ،
وكان لعمه هذا بنت وحيدة ،

فكانت تراوده أفكار .. بأن يقتل عمه
ويتزوج ابنته ، ويرث مال عمه كله !!

خاف الشاب من قتل عمه ،
لأن عقوبة القاتل في التوراة القتل !!

" وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين
والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص "

ثم فكّر ..
وقرر أن يأخذ عمه إلى سبط آخر
ويقتله عندهم ، ثم يُلصق التهمة عليهم ،
وهو يثق بأن سبطه سيقف في صفّه !!

لأن أسباط بني إسرائيل كما ذكرنا
بينهم الكثير من الخلافات ويبغضون بعضهم !!



وبالفعل .. أخذ عمّه إلى سبط آخر
ثم قتله ..
وصرخ في قبيلته : إن عمي قد قُتل !

فبدأت قبيلة هذا الشاب تميل معه ضد تلك القبيلة ،
وحدثت فتنة بين القبيلتين ،
فاستدعوا موسى ـ عليه السلام ـ ليحكم بينهم !!



فقال موسى : اذبحوا بقرة ، واضربوه بجزء منها
وسوف ينهض ويخبركم من قتله !!

لماذا كل هذا ؟
لأنهم لم يؤمنوا بالبعث ، وبأن الله قادر على إحيائهم
بعد الموت !

ولماذا بقرة ؟
لأنهم عبدوا العجل ، وما زال في قلوبهم بعض التقديس للبقرة ،
فإذا ذبحوها زال هذا من قلوبهم !

فكان ردّهم على نبي الله : أتتخذنا هزواً ؟
رجلٌ يموت وأنت تقول اذبحوا بقرة ؟

قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ..

فقالوا : ادعُ لنا ربّك أن يوضح ما صفة تلك البقرة ؟

وللعلم .. فلو ذبحوا أي بقرة لكفتهم ،
لكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم !

قال : إنها بقرة ليست صغيرة ولا كبيرة متوسطة في العمر ..

فقالوا : ادعُ ربك يبين لنا ما لونها ؟

قال : إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسرّ الناظرين ..

فقالوا : ادعُ لنا ربك يبين لنا صفاتها فإن البقر قد تشابه علينا
وإنا إن شاء الله لفاعلون ..!!

قال : إنها بقرة لا تعمل في حرث الأرض ،
وهي سليمة من العيوب ، ولا لون فيها غير الأصفر !!

فعرفوا أنها بقرة ذلك اليتيم الذي توفي أبوه من سنين
فذهبوا عنده وقد أصبح شاباً ، فعرضوا عليه أن يعيطهم البقرة
فقال : لا أبيعها إلا بوزنها ذهب !!

فعادوا إلى موسى وقالوا له : لقد رفض أن يعطينا البقرة
إلا بوزنها ذهب !!

قال موسى : هو وما يريد ، نفذوا أمر الله !!

ففعلوا ..
فذبحوها ..
وضربوا القتيل بجزء منها ..

فنهض وقال : ابن أخي هو من قتلني ..!!

ثم عاد ميتاً ..!!



ويقول الله ـ سبحانه ـ بعد ذكر هذه القصة
في سورة البقرة
" ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة
أو أشد قسوة ، وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار
وإنّ منها لم يشقق فيخرج منه الماء ،
وإنّ منها لما يهبط من خشية الله "

فصارت قلوبهم مع طول الأمد قاسية ،
وبالرغم مما شاهدوا من آيات ومعجزات أمام أعينهم ،
فلم يعودوا يؤمنوا بشيء !!




يتبع ...



ليست هناك تعليقات: