قبل أن نكمل قصة موسى ـ عليه السلام ـ
هناك بعض التوضيحات التي يجب أن نعرفها
لكي نفهم طريقة تفكير بني إسرائيل !
أُرسل موسى إليهم وهم أذلاء ..
لم تكن لديهم أي قدرة على المبادرة والاختيار ،
لم يكن لديهم أي استعداد للتصديق ،
كانوا جهلة .. فلم يكن يُسمح لهم بالتعليم ..!
بالرغم من المعجزات العظيمة التي حصلت أمام أعينهم ،
فقد أصيب المصريين بالمعجزات وهم لم تكن يصيبهم منها أي شيء ..
رأوا البحر أمامهم ينقسم إلى نصفين ومع هذا
ظلّوا على ما هم عليه ..
:: مشكلة بني إسرائيل ::
أنّهم لم يكونوا يؤمنوا بالغيبيات ،
لذلك فكانت معجزات موسى أمور ملموسة !!
كتحوّل العصا ، وانفلاق البحر
وما سيأتي لاحقا من معجزات !!
وهذا عكس ما حدث مع
نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فقد وصفنا الله ـ تعالى ـ في أول آية في سورة البقرة
بـ " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة "
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول :
لو تتراءى لي الجنة والنار أمام عيني لما ازددتُ يقيناً
لأنني موقنٌ فعلا بوجودهما !
:: الـمــوعــد ::

بعد أن نجا بنو إسرائيل ، خرج موسى إلى الطور للقاء ربه ..
وقال لهارون أن يبقى بين بني إسرائيل !
" وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر "
أخبر موسى أخاه هارون بأنه سيغيب ثلاثين ليلة ،
في هذه الليالي التي خرج فيها موسى يتعبّد الله في جبل الطور ،
فأنزل الله التوراة على موسى ـ عليه السلام ـ
وزاده الله عشرة ليال مكافأة له على تعبّده ..!!
فحاور الله موسى وعلّمه ما في التوراة ،
وكان موسى يسأل ..:
قال موسى : يا رب ، إن هناك رجلين من بني إسرائيل
واحد صالح والثاني عاصي ،
قبل أن آتي إلى الميقات وجدتهما يدعونك
فالصالح يقول : يا رب ..
والعاصي يقول مثل ذلك ..!
فما فعلت بهما يا رب !؟
فقال تعالى : قلت للصالح لبّيك عبدي ،
وقلت للعاصي لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي !
فقال موسى : يا رب ، تقول للصالح ذلك وتقول للعاصي ذلك ؟
فقال : أما الصالح حين دعاني فكان يعتمد على عمله ،
أما العاصي فحين دعاني فكان يعتمد على رحمتي !
ما زال موسى في جبل الطور ..
فناداه الله : يا موسى ، إن من عبادي من أدخلهم جنتي وأخيرهم فيها ،
يختاروا من قصورها وثمارها وأنهارها ما شاؤوا ..
فقال موسى : من هؤلاء ؟
قال ـ عز وجل ـ : من يدخل السرور على أهل بيت
من المؤمنين !
ما زال موسى في جبل الطور ..
إذ ناداه الله وقال : ما هي الأعمال التي عملتها لي يا موسى ؟
قال : صليت لك وذكرتك وقمت بين يديك وصمت لك ..
فقال : يا موسى ، أما الصلاة فلك نور ، والصدقة لك برهان ،
ولكن هل عملت لي عملا قط ؟
فقال موسى : ما العمل الذي أكون عملته فيك قط ..
فقال : هل أحببت أحداً لي قط ؟ وهل واليت لي ولياً من قبل ؟
فعلم موسى أن أعلى درجات القرب أن تحب في الله
وتؤاخي في الله ..!
قال الله ـ عز وجل ـ : يا موسى ، هل تعرف لما اخترتك من بين الناس ؟
قال : لا ..
قال : إني قد قلبت الناس على ظهورهم وبطونهم فلم أجد
في زمانك قلباً أذل إلي من قلبك يا موسى !
قال الله ـ تعالى ـ : تمنّى يا موسى !
فقال : هي أمنيتين ..
أما الأولى : إنّي وجدت في الألواح (التوراة)
أن لك أمة من الأمم الحسنة عندهم إذا همّوا بها ولم
يعملوا بها كتبت لهم حسنة ، وإذا عملوها كتبت لهم بعشر أمثالها
فاجعلهم أمتي ..
فقال الله : يا موسى ، لن تكون أمتك
هذه أمة محمد ..!
فقال : يا رب ، إني رأيت أن هناك أمة يأتون يوم القيامة
يشفعون ويشفّعون ، فاجعلهم أمتي ..
فقال ـ تعالى ـ : هذه أمة محمد ..!
فقال : يا رب ، رأيت في الألواح أن هناك أمة يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر ، فاجعلهم أمتي !!
قال : إنها أمة محمد ..!
فقال : يا رب ، قرأت في الألواح أن هناك أمة هم أكثر أهل الجنّة
فاجعلهم أمتيي!!
فقال : يا موسى ، أكثر أهل الجنة أمّة محمد ..!
" ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ،
قال : رب أرني أنظر إليك ،
قال : لن تراني ، ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ،
فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا
وخر موسى صعقا فلما أفاق
قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين "
قال : رب أرني أنظر إليك ،
قال : لن تراني ، ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ،
فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا
وخر موسى صعقا فلما أفاق
قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين "
كان كلام موسى مع الله سبحانه من وراء حجاب ،
وبعد هذه المناجاة والقربة سأل موسى :
رب أرني أنظر إليك ، من دون حجاب !
فقال تعالى : إنك لن تراني ، ولكن انظر إلى الجبل
فسأتجلّى له ، فإن استقر مكانه فسوف تراني !
فتجلّى سبحانه للجبل كما ذكر ابن كثير ( قدر خنصر )
فجعله دكّا .. أي ترابا ..
ومن هول المنظر أغشي على موسى ـ عليه السلام ـ !!
يتبع ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق