:: عبادتهم للعجل ::
بعد أن غاب موسى ـ عليه السلام ـ أربعين يوماً
كان موسى قد ترك بني إسرائيل تحت قيادة أخيه هارون !!
وفي هذه اللحظات .. ظهر شخص اسمه ( السامريّ )
يُقال أنه ليس من بني إسرائيل ، بل هو من عائلة قديمة اسمها ( السامرية )
كانت تسكن العراق !!
" حمّلنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها ، فكذلك ألقى السامريّ "
عندما هرب بنو إسرائيل ، كانوا يحملون مع أمتعتهم
حلية استعاروها من نساء مصر ،
وعندما وصلوا إلى الساحل المقابل من البحر
تذكروا هذه الحلية وكيف أنه يجب إعادتها لأهلها ،
ولكن تذكروا صعوبة هذا عليهم ،
فاقترح عليهم السامريّ بأن يلقوها في البحر
وبذلك تبرأ ذممهم منها !!
وهذا ما فعله بنو إسرائيل ،
ألقوا بجميع الحلية في البحر !!
وبعد أن عادوا إلى ديارهم ،
قام السامريّ بجمع هذه الحلية ،
وكان ماهراً في ( النحت ) ..
فصنع منه عجل من ذهب ووجعل فيه فتحتان في مقدمته ومؤخرته
ووجه إلى اتجاه الريح ،
فكان كل ما مرت ريح يصدر من هذا العجل المنحوت صوت !
ثم دعا بني إسرائيل وقال لهم : هذا هو إلاهكم وإله موسى
ولكن موسى نسي وذهب إلى مكان آخر !!
فصدر صوت من هذا العجل فصدّقوه ، وعبدوه !!
وسبب اختياره للعجل ، أن المصريين كانوا يعبدونه ،
وما زال بنو إسرائيل متأثرين بالمصريين !!
" ولقد قال لهم هارون من قبل : يا قومي إنكم فُتنتم به
وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري "
" قالوا : لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " !!
عندما رآهم هارون يعبدون العجل ،
قال لهم : إنه ليس إلاهكم إنما هو فتنة لكم فاتركوه !!
فقالوا : سنظل ساجدين عليه حتى يرجع موسى ،
فنتأكد من أنه وجد إلهاً آخر !!
فخاف هارون في أن يدخل معهم في صراع ،
خاصة أن من آمن قليل ، فاختار انتظار موسى حتى يأتي !!
وفي الليالي العشر الأخيرة من لقاء موسى بربه ،
قال له الله ـ عز وجل ـ
" قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلهم السامريّ ،
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسِفا "
عاد موسى ـ عليه السلام ـ إلى قومه
والألواح في يده ، وعندما رآهم عاكفين للعجل
ألقى الألواح ..
وقال لهم : يا قومي ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً ،
هل طال بكم الانتظار ، أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم ،
فأخلفتم موعدي ؟
فردّوا عليه : إنا لم نفعل هذا بإرادتنا ، إنما أغرانا به السامريّ !!
" قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ،
ألا تتبعنِ أفعصيت أمري ،
قال : يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي
إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقُب قولي "
ثم التفت إلى أخيه هارون ، وشدّه بلحيته وقال :
يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضالّين ، لمَ لمْ تمنعهم ،
لمَ عصيتً أمري ؟
فردّ هارون : لقد خفت إن أنا شددت عليهم أن أسبب فتنة بينهم
فيقتتلوا ويتفرقوا ثم تعود وتحاسبني على ذلك !!
فتركه موسى .. ودعا : اللهم اغفر لي ولأخي !!
" قال فما خطبك يا سامريّ ،
قال : بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول
فنبذتها وكذلك سوّلت لي نفسي ،
قال : فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإنّ لك
موعدا لن تُخلفه ،
وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرّقنه ثم لننسفنّه في اليم نسفا "
توجه موسى إلى السامري وقال :
ما خطبك ؟
قال : لقد رأيت ما لم يروه ، فلقد رأيت ملكاً ( يقصد جبريل ) حين انفلق البحر
فقبضت قبضة من أثر قدمه فنفختها على العجل ، وكذلك سوّلت لي نفسي !!
يقول ابن كثير : قد يكون فعلاً رآه ، لذلك فلم يجادله موسى في ذلك ..
فقال له موسى : اخرج من بيننا ، فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس
أي لا يقرب أحدا ، ويقال أنه أصيب بمرض جلدي ،
وانظر إلى هذا العجل الذي سجدت له لنحطمنه ثم لنحرقنه ثم سنلقيه في البحر !
ثم عاد موسى ـ عليه السلام ـ ليخاطب قومه ،
فقال لهم : إنما إلاهكم الله الذي لا إله إلا هو ،
ولقد ظلمتم أنفسكم باتخاذكم هذا العجل إلاهاً من دونه
فتوبوا إلى الله واقتلوا أنفسكم ليتوب عليكم ..!
( وكان سبب أمره لهم بقتل أنفسهم
لأنهم لا يؤمنوا بالغيبيات ، لذلك فهم لن
يستوعبوا معنى التوبة إلا بشيء عملي )
يستوعبوا معنى التوبة إلا بشيء عملي )
فعندما همّوا إلى قتل أنفسهم ، قال لهم موسى :
قد غفر لكم !
ثم أمرهم موسى بأن يشدوا الرحال
إلى الأرض المقدّسة ..
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق